صراع المراهق

يعاني المراهق أنواعا مختلفة من العطالة أهمها العطالة الاقتصادية والعطالة الجنسية وتنجم العطالة الاقتصادية التي يعانيها المراهق عن رغبته في أن يكوّن ذاته وفي أن ينسلخ عن أهله وفي أن يهجر الطفل الصغير الذي يرعاه والداه، أما العطالة الجنسية فترمز إلى الانسلاخ الحاسم للناشئ عن أسرته وإقامته للأسرة الخاصة التي يتحمل هو مسؤليتها.






وإذا اعتبرنا المسؤولية والاستقلالية حجر الزاوية في نمو الناشئ فإن هناك قوى أخرى ذات طبيعة اجتماعية تعمل على كبح حركة الناشئ نحو تحقيق فرديته. وعادة ما يمسك الوالدان زمام قوة الكبح ويحاولان الإبقاء على الناشئ مربوطا إلى حزامهما، وهذا الأمر يعقّد حياته ويجعل من العسير عليه اتخاذ القرار الملائم بسرعة وحزم ودون تردد.


قد يشتد صراع المراهق وتزداد حيرته بين الاستجابة لاستقلاليته الصاعدة وبين الإذعان لما اعتاده من اتكالية طفولية، خاصة وأنه قد ألف الاتكالية لمدة طويلة واعتاد الإذعان الهيّن وهو الآن بدأ يستمتع ولو لمدة قصيرة بلذة الاستقلالية وما تمده به من مشاعر الاعتزاز والثقة فيتمزق ويحتار ويصعب عليه الانطلاق مستقلا فيجلس متألما من إذعانه لاتكالية الأمس الخاملة.


إن هذا الصراع المرير بين المراهق ونفسه وبين المراهق والآخرين ينعكس على موقف الوالدين منه، فالوالدان في موقعهما من طفل الأمس وفتى اليوم لا يقلان حيرة وذبذبة عما يعانيه المراهق فهما مرتاحان لطفل الأمس ويريدان الإبقاء عليه طيّعا هينا ولكنهما في الوقت ذاته يودانه أن يصبح راشدا دون أن يتمرد عليهما. وفي هذا الصراع يضيع الولد نفسه ويمكث يلوك صراعاته المعقدة